تقنية البلوكتشين ليست بتكوين فقط

شرح لتقنية البلوكتشين بشكل مُبسط

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

في هذه المقالة نُعرج على مفاهيم خاطئة منتشرة لدينا في المنطقة وتتعلق بتقنية البلوكتشين.

بدايةً، هذه المقالة برعاية عُملة، وهي شركة متخصصة في البنية التحتية لتقنية البلوكتشين، وتُساعد الشركات والجهات الحكومية على الربط مع أشهر الشبكات سواء عامة أو خاصة، وتُزيل الصعوبات الشائعة من تأمين الأصول الرقمية إلى الصعوبات التقنية والمتعلقة بالربط.


التاريخ:

البداية مملة ولكنها أساسية لبناء فهم أقوى.

تقنية البلوكتشين هي تقنية جديدة بدأت عام ٢٠٠٨ مع نشأة شبكة البتكوين، وهي شبكة لامركزية تعتمد على تقنية البلوكتشين. قام شخص أو جماعة باسم Satoshi Nakamoto ببناء نظام مالي لامركزي يسمح لأي شخص بإرسال الأموال عن طريق شبكة لا وسيط فيها. هذه الشبكة تعتمد على تقنيات موجودة سابقًا وليست حديثة ولكنها اجتمعت لأول مرة بهذه الطريقة في هذه الشبكة. مثلاً، التشفير المستخدم في شبكة البتكوين يعود إلى عام ١٩٨٥.

يمكنك قراءة الورقة العلمية التي أطلقها ساتوشي ناكاموتو في عام ٢٠٠٨ والتي تشرح في تسع أوراق نظام البتكوين بشكل مفصل. ولكن لا أنصح بقراءتها بل أنصح بالاطلاع عليها، وإذا أردت الاستزادة يمكنك قراءة كتاب Mastering Bitcoin للتقنيين أو كتاب The Internet of Money لغير التقنيين.

منذ عام ٢٠٠٩ إلى يومنا هذا، وشبكة البتكوين قائمة بتواجد (uptime) بنسبة ٩٩.٩٨٩٪، وسقطت مرتين فقط. يمكنك الضغط على الرابط لمعرفة الأسباب بالتفصيل. واليوم، قيمة هذه الشبكة تتعدى التريليون دولار والعديد من المؤسسات والحكومات تستخدم عملة البتكوين مثلما يُستخدم الذهب لتخزين القيمة. من هذه الدول هي دولة إل سلفادور، ومن الشركات Blackrock بالإضافة إلى العديد من الشركات الأخرى.

الجدير بالذكر أن البتكوين هي الشبكة الأولى والأكبر في شبكات البلوكتشين، لكنها ليست الوحيدة، حيث أن عدد الشبكات يتعدى ١٠٠٠ شبكة في وقت كتابة هذه المقالة. ومن هذه الشبكات التي اشتهرت بعد شبكة البتكوين هي شبكة إيثيريوم، التي قامت بإضافة مفهوم جديد في تقنية البلوكتشين وهو مفهوم العقود الذكية.

مكنت شبكة إيثيريوم المطورين من البناء على هذه الشبكات اللامركزية وأصبح بالإمكان الاستفادة من خصائص شبكات البلوكتشين في التطبيقات، وأطلق عليها اسم التطبيقات اللامركزية.

أطلق على هذا النوع من الشبكات اسم بلوكتشين ٢.٠ أو بلوكتشين النسخة الثانية، والإضافة الجوهرية هي العقود الذكية. ولكن الابتكار لم يقف عند هذا الحد، بل وصلت النسخ إلى ٤.٠ بحسب بعض المصادر وأضافت العديد من المميزات مع الحفاظ على الأساسيات (سوف نتحدث عن الأساسيات لاحقاً في مقالة أخرى).

إلى هذا اليوم لا نعرف من هو ساتوشي ناكاموتو، ولكن ساتوشي أنشأ تقنية أثبتت فعاليتها.

جميل، ما علاقة هذا بتقنية البلوكتشين؟

هنا يقع أغلب سوء الفهم. تقنية البلوكتشين هي التقنية الداعمة لشبكة البتكوين ولكن العكس غير صحيح.

البتكوين يستخدم تقنية البلوكتشين ولكن تقنية البلوكتشين ليست بتكوين.

من تجربة شخصية، عندما أتحدث مع المستثمرين أو الزبائن المحتملين لعُملة أواجه نفس الجملة بشكل دائم. عندما أقوم بشرح ماهية عُملة أرى التغيير في أعين المستمع وكأنه فهم بالضبط ما أقصد ولكن الكلمات التالية تثبت لي العكس.

يعني بتكوين وعملات رقمية؟

من سلبيات انتشار شبكة البتكوين هي التسويق لها بأنها تعتمد على التقنية الثورية، تقنية البلوكتشين، ومعظم الأشخاص ربطت تقنية البلوكتشين بعملة البتكوين.

ما هي تقنية البلوكتشين ببساطة؟

تقنية البلوكتشين ببساطة هي سجل موزع لامركزي.

بهذه البساطة.

شبكة البتكوين تستخدم هذا السجل في تخزين العمليات حيث يمكن إيجاد كل العمليات في شبكة بتكوين في هذا السجل، من عام ٢٠٠٩ إلى آخر ١٠ دقائق. في كل عشر دقائق يتم إضافة بيانات جديدة على هذا السجل ويتم خلق عملات جديدة من العدم لمكافأة الشخص المُضيف لهذه البيانات أو التحويلات.

هذا السجل موزع بين جهات عديدة وغير متمركز في مكان واحد، وبإمكانك تحميل نسخة من هذا السجل.

في أبسط صُوَرِه، هو سجل واحد يُساعدك على تخزين البيانات بشكل منظم وآمن وبهيكلة خاصة تُعرف بهيكلة "البلوكتشين"، وهي عبارة عن سلسلة من الكتل مرتبطة ببعضها البعض عن طريق "هاش" أو بصمة هذه الكتلة. كل بلوك في هذا السجل يحتوي على عمليات مُدخلة بوقت واحد ويُصدر لها هاش لتمييزها وربطها بالكتلة التالية عند إصدارها.

سلسلة من الكتل مربوطة بهاش، والهاش هو بصمة البيانات للكتلة رقم واحد. تسمى previous hash في الكتلة التي تليها.
سلسلة من الكتل مربوطة بهاش، والهاش هو بصمة البيانات للكتلة رقم واحد. تسمى previous hash في الكتلة التي تليها.

كما ذكرنا، هذه الهيكلة الخاصة بالسجل تعني أن البيانات تُخزن في السجل بشكل كتل.

تخزن الكتل كلها في سجل واحد بشكل مرتب من الأقدم إلى الأحدث
تخزن الكتل كلها في سجل واحد بشكل مرتب من الأقدم إلى الأحدث

ولكن الشبكة لا تكون شبكة بدون توفر عدة أجهزة مرتبطة في نفس الشبكة. إذ زاد عدد الأجهزة في الشبكة زاد الأمان لها.

بالإمكان عمل شبكة من جهاز واحد والاستفادة من هيكلة تقنية البلوكتشين. وقد رأيت العديد من الجهات يطلبون هذا النوع من الشبكات حيث إنهم لا يريدون فقد التحكم بالبيانات الخاصة بهم. في هذه الحالة، تصبح لديهم شبكة خاصة بهم ويقومون بتخزين البيانات عليها ويستطيعون التأكد أن البيانات صحيحة ولم يتم التلاعب بها.

تقنية البلوكتشين مثل أي برنامج يمكن التعديل عليها وتخصيصها لتناسب احتياجاتك. وهذا ما يسمى بالشبكة الخاصة، وهي نوع من الشبكات لا يمكن لأحد الاطلاع عليها وبالعادة تكون جميع الجهات في هذه الشبكة مُعرفين.

من وجهة نظري، الشبكات العامة المفتوحة أكثر أمانًا وتصلح لأغلب التطبيقات، حيث كلما زاد عدد المشاركين في الشبكة زاد الأمان. بحيث لو أراد مخترق العبث بالبيانات يجب عليه اختراق جميع الأجهزة في هذه الشبكة والتلاعب بها، وهذا شيء شبه مستحيل وخصوصًا في حالة الشبكات الكبيرة مثل بتكوين وإيثيريوم. حيث تحتوي شبكة البتكوين على قرابة الـ ٢٠ ألف جهاز متصل الآن، وكما شرحنا سابقًا، كل جهاز يحتوي على نسخة من السجل الخاص بالتحويلات كاملة، فلذلك هي مهمة شبه مستحيلة على المخترقين.

تقنية البلوكتشين أوسع بكثير من التطبيقات المالية.

فعلاً، تحدثت عن التقنية المالية وكيفية أن تقنية البلوكتشين هي الداعم لها والذي يجعلها ممكنة. لكن هذه التقنية عبارة عن سجل موزع ولامركزي. بالإمكان النظر لهذا السجل من عدة زوايا. من منظوري الخاص، هي طريقة لتخزين البيانات بشكل آمن بين جهات عديدة مع ميزة اللامركزية، حيث أن الجميع في هذه الشبكة متساوون في الصلاحيات ولا يوجد شخص أفضل من الآخر.

صحيح أن التقنية المالية أثبتت وبكل جدارة أن تقنية البلوكتشين تعمل جيدًا مع التقنية المالية، ولكنها ليست التطبيق الوحيد.

العديد من المجالات يمكنها الإستفادة من هذه التقنية، وليست بالضرورة أن تكون مُعلنه، أي من الممكن استخدامها والاستفادة من مميزاتها بدون أن يعرف المستخدم النهائي أنك تستخدم تقنية البلوكتشين.

من هذه المجالات:

  • المجال الطبي

  • مجال ترميز الأصول، الأراضي، السيارات.

  • مجال سلاسل الإمداد

  • مجال الأصول الرقمية

  • والمزيد من المجالات...

لنأخذ المجال الأول كمثال لتطبيق تقنية البلوكتشين، وهو المجال الطبي:

المجال الطبي يستطيع الاستفادة من هذه التقنية عن طريق إنشاء ملف طبي رقمي أو ما يُسمى بـ "Electronic medical record". هذا الملف يخص الزائر للمستشفى ومخزن على شبكة خاصة بين المستشفيات. بحكم حساسية البيانات في المستشفيات، لا يمكننا استخدام الشبكات العامة المفتوحة مثل شبكة إيثيريوم.

ولكن بالإمكان بناء شبكة بلوكتشين تضم المستشفيات وتجعل من التواصل سهلًا وتوحد هيكلة البيانات في هذه المستشفيات. ومع كل زيارة، يتم تحديث هذا الملف الطبي من قبل المستشفى.

وقِس على ذلك المجالات الأخرى، مثل مجال سلاسل الإمداد.

ختامًا،

تقنية البلوكتشين هي تقنية واعده، ولها مستقبل في مجالات عديدة وليست مُقتصره على التقنية المالية.

وهذه هي أول مقالة في ثمانية ولكن ليست الأخيرة، تابعونا على كُتلة!

بلوكتشينتقنيةشرح
كُتلة
كُتلة

مقالات مختصة بتقنية البلوكتشين